أمينة الحنان عضو ملكي
الهوايات : المهن : المزاج : عدد المساهمات : 704 نقاط : 1043
| موضوع: مدن اسلامية عبر التاريخ دليل حضارات عريقة (بغداد) الإثنين مارس 22, 2010 1:42 pm | |
| بــغداد
ترتبط نشأة بغداد بتاريخ الخلافة العباسية فقد أنشأها الخليفة أبو جعفر المنصورى في عام 145
هـ على الضفة اليمنى من نهر دجلة ؛ وكانت بغداد عند إنشائها مدورة ولها أربعة أبواب وعمل
لها سورين ثم بنى قصره والجامع في وسطها ؛ وتقع بغداد على خط طول 75 درجة غرباً وخط
عرض 34 درجة شمالاً ؛ وكانت بغداد أشهر المدن ثقافة واجتماعاً وسياسة في القرن الرابع
الهجري وبلغت في عهد الخليفة هارون الرشيد قمة مجدها واتسعت اتساعاً عظيماً حتى
صارت بغداد كأنها أربعون مدينة متلاصقة ؛ وعرفت بغداد على مدار التاريخ بمكانة علمية
متميزة فقد أنشأ الخليفة هارون الرشيد بيت الحكمة وأتمه ابنة المأمون في القرن الرابع
الهجري وهى عبارة عن دار علم ومكتبة كان يقام فيها مجالس العلم ؛ حيث يجتمع فيها عدد
كبير من العلماء والباحثين بغرض الترجمة والمناظرات العلمية ؛ وكان الخلفاء الرشيد
والمأمون يشاركان مشاركة فعلية في هذه المجالس ؛ ولقد ساهمت هذه المكتبة مساهمة فعالة
في تطوير علوم الطب والكيمياء والفلك ؛ حيث كانت التجارب العلمية والبحوث العملية تجرى
على قدم وساق ؛ وكان الخلفاء والأثرياء يبذلون جهوداً مشكورة في جمع الكتب النادرة
ويسهلون على أهل العلم الانتفاع بها كما أنشأ الرشيد في قصره مكاناً خاصاً جمع فيه الكثير
من الكتب النادرة العربية وغير العربية ؛ ثم جاء المأمون من بعده فزاد في ثروة هذه الخزانة
حتى حوت ألوفاً من المجلدات ؛ كما ظهرت في بغداد أيضاً خِزَانات أخرى للكتب ؛ إلا أن المغول
وطغيان دجلة والحريق الهائل الذي وقع في بغداد أتى على كثير من هذه الكتب وضاع الكثير
منها ؛ وتميزت بغداد بكثرة العلماء والفقهاء فيها مثل الإمام أحمد بن حنبل وأبى إسحاق
الشيرازي وأبى حامد الغزالي والشاشى وابن الجو زى والجاحظ والفراء والزجّاج والزجّاجى
وقطرب والسيرافى وابن السكيت وياقوت الحموى والبلازدى وابن خرداذبة والمسعودي
والكندي والصوفي والفزارى والصاغانى والخوارزمي والطوسي والكرجى والخيام النيسابورى
وابن رِبن الطبرى والرازي وابن ملكا والأهوازى وابن العين الزربى وابن اللباد وغيرهم ؛ إلا
أن بغداد مرّت بأهوال وفتن عظيمة استمرت فترة غير قصيرة وعم الاضطراب الشديد الذي
أضر بعمرانها وظلت فترة تموج بالفتن وضعف سلطان الخلافة العباسية وتدخل غير العباسيين
في قيادة دفة الحكم ؛ وفى عام 656هـ نزل هولاكو على بغداد وحاصرها واستمرت الحرب
وحدثت فتنة داخلية انتهت بإستِلاء التتار على بغداد وقتل الخليفة المعتصم وأولاده وحاشيته
واستبيحت حرمات بغداد مدة طويلة وأفلت شمس الخلافة في بغداد بعد أن استمرت خمسة
قرون ؛ فكانت كارثة على العالم الاسلامى كله ؛ ثم غزاها تيمورلنك أكثر من مرة كان آخرها
عام 803 هـ ففتحها عنوة وفتك بأهلها فتكاً شديداً واستحل جنده المدينة أسبوعاً اقترفوا فيه
من المنكرات ما تقشعر منه الجلود ؛ وفى عام 914هـ غزاها الشاه إسماعيل الصفوى فظلت
تحت يد الصفويين حتى انتزعها العثمانيون عام 941هـ ثم عاد إليها الصفويون عام 1033هـ
وبقيت بأيديهم حتى استردها السلطان مراد الرابع العثماني عام 1048هـ ؛ أدت تلك الأحداث
إلى انحطاط بغداد وضعفها وتأخرها في كل نواحي الثقافة التي عرفت بها بغداد حقبة طويلة من
الزمن ؛ وفى عام 1335هـ سقطت بغداد تحت يد الإنجليز وفى أواخر عام 1920 اندلعت
الثورة العراقية وانتزع الإنجليز من مجلس عصبة الأمم صك الانتداب الذي جاء فيه الاعتراف
بالعراق دولة مستقلة بشرط قبولها المشورة الإدارية من قبل دولة منتدبه إلى أن تصبح قادرة
على القيام بنفسها ؛ أصبحت بغداد عاصمة للعراق ولا تزال كذلك حتى الآن نسأل الله تعالى أن
يحميها ويقصم ظهر قاصديها بالسوء .
| |
|