[right]ذكر في آخر النبوءة السابقة المدونة في كتاب "عهد موسى" .. "ثم تظهر مملكته (مملكة الله) في كل مكان من خلقه".
فما هي مملكة الله ؟
وما هي علاماتها؟
مملكة الله أو مملكة الرب أو مملكة السماء في التوراة كل هذا يعني بلا ريب الدولة التي تحكم بشرع الله ويعيش فيها المؤمنون به وبكتبه وأنبيائه ويقتفون أثرهم، هي إذن الدولة الإلهية ..
يؤيد ذلك النصوص الآتية : " ... أصطفى سليمان ابني ليجلس على عرش ملك الرب على إسرائيل (أخبار أيام أول 28 : 5) .
"عرشك يا الله إلى دهر الدهور وصولجان ملكك عادل ومستقيم (مزامير 45:6).
ومثل ذلك كثير في العهد القديم (التوراة). وقد وردت في الأصل بصيغة "مملكة" كما وردت بصيغة "ملكوتا" الآرامي [1] . وصيغة "ملكوت".
أما في العهد الجديد (الأناجيل والرسائل الملحقة) فلم ترد إلا بصيغة المبالغة "ملكوت" في الترجمات العربية ذلك لأن مفهوم مملكة السماء عندهم أنها روحية غير مادية في تناقض واضح مع العهد القديم... ويدعون أن المسيح عيسى "طلب من تلاميذه ومن غيرهم ألا يظهروه لوجود الفرق بين الهوة السحيقة بين ما كان يعتقده اليهود عن المسيا وبين ما يفهمه هو من عمل المسيا ... وعندما يموت ويقدم من مجد عندئذ يستطيع التلاميذ أن يعلنوه أنه هو المسيا المخلص [2] ويا له من رأى عجيب أليس من عمل الأنبياء توضيح الأمور المبهمة للناس أم العكس. وأليس من عمل الكتب السماوية ذلك أيضاً؟ ثم لماذا يقبل النصارى هذا التناقض الواضح في العهد القديم (التوراة) ومع ذلك يقدسونه ويضمونه لكتابهم المقدس؟ والأعجب أنهم يتكلمون بعد ذلك عن فقرات في العهد القديم تتكلم عن مسيح متألم (شعيا 52: 13، 53: 12) ويقولون هذه إشارة لصلبه وتألمه ؟! أليس هناك معنى للألم إلا الصلب .. ثم لماذا الآن توضح التوراة هذا وتناقض أن مملكة الله روحية حسب زعمهم؟
يجدر بنا أن نشير إلى أن قول النصارى في ملكوت السماوات ليس واحداً .. بل هناك ما لا يقل عن خمسة أقوال:
فمنهم من قال: أن المسيح عيسى لم يظهر الملكوت بل تنبأ به ومنهم من يقول أنه أعلنه كحقيقة واقعة [3]
ومنهم من يراه سلطان المسيح المستمر بالصليب ومنهم من يراه الضمير ، ومنهم من يراه نزول الروح المقدس على جماعتهم في اليوم الخمسين لرفع المسيح، ومنهم من يرى أنه لم ينو إقامة مجتمع أرضي "ملك أرضى" ومنهم من يرى (سابقي الألف سنة) أنه جاء ليقيم ملكوت الله على الأرض "وحاول ذلك بكل جهده، ولكن لأسباب دينية واجتماعية كف عن هذه المحاولات لأنه لم يستطع اقامته، فأجل الملكوت إلى حكم الألف سنة عند مجيئه الثاني وأقام الكنيسة بدلاً منه" [4]
ثم يختلفون في هذا الرأى الأخير .. هل يأتي المسيح بعد الألف سنة أم قبلها؟! [5]
أما الاختلاف الأكبر فيأتي من طائفة اليسوعيين الذين يروا – وحدهم – أن الملكوت مادي وقد تحقق وهو الدولة البيزنطية.
يتضح مما سبق كم تلبس الأمر على النصارى في هذا المجال (تفسير "مملكة الله" وكم هو غامض ذلك لأنهم بعدوا عن التفسير الحق. فهي الدولة الإلهية التى يقيمها نبى آخر الزمان وتلتزم بشرع الله ويعيش فيها الموحدون لله توحيداً خالصاً.
أما عن علامات وتاريخ هذا الملك الرباني، وهو السؤال الذي بدأنا به هذا الفصل. وقد تكلمنا قبله مباشرة عن تاريخ ميلاد نبي آخر الزمان ونبوءات ذلك.. ونتكلم الآن عن نبوءات تاريخ ملك نبي آخر الزمان.
وهو أوضح ما يكون في التوراة في سفر دانيال.
الفصل الثاني، الأعداد 31-45 : "رأيت أيها الملك وإذا بتمثال عظيم ضخم كثير البهاء واقفاً أمامك وكان منظره هائلاً. وكان رأس التمثال من ذهب نقى، وصدره وذراعاه من فضة، وبطنه وفخذاه من نحاس، وساقاه من حديد، وقدماه خليط من حديد ومن خزف. وبينما أنت في الرؤيا انقض حجر لم يقطع بيد إنسان، وضرب التمثال على قدميه المصنوعتين من خليط الحديد والخزف فسحقهما فتحطم الحديد والخزف والنحاس والفضة والذهب معاً، وانسحقت وصارت كعصافة البيدر في الصيف، فحملتها الريح حتى لم يبق لها أثر. أما الحجر الذي ضرب التمثال فتحول إلى جبل كبير وملأ الأرض كلها. هذا هو الحلم.
[right]فما تفسيره فهذا ما نخبر به الملك: أنت أيها الملك هو ملك الملوك ، لأن إله السماوات أنعم عليك بمملكة وقدرة وسلطان ومجد، وولاك وسلطك على كل ما يسكنه أبناء البشر ووحوش البر وطيور السماء. فأنت الرأس الذي من ذهب. ثم لا تلبث أن تقوم من بعدك مملكة أخرى أقل شأنا منك، وتليها مملكة ثالثة أخرى ممثلة بالنحاس فتسود على كل الأرض. ثم تعقبها مملكة رابعة صلبة كالحديد الذي يدق ويسحق كل شيء. وكا رأيت أن القدمين والأصابع هي خليط من خزف وحديد، فإن المملكة تكون منقسمة فيكون فيها من قوة الحديد، بمقدار ما شاهدت فيها من الحديد مختلطاً بالخزف.
وكما أن أصابع القدمين بعضها من حديد والبعض من خزف، فإن بعض المملكة يكون صلباً والبعض الآخر هشاً. وكما رأيت الحديد مختلطاً بخزف الطين، فإن هذه المملكة تعقد صلات زواج مع ممالك الناس الأخرى، إنما لا يلتحمون معاً، كما أن الحديد لا يختلط بالخزف . وفي عهد هؤلاء الملوك يقيم إله السماوات مملكة لا تنقرض إلى الأبد، ولا يترك ملكها لشعب آخر، وتسحق وتبيد جميع هذه الممالك. أما هي فتخلد إلى الأبد".
يشرح النبى دانيال هنا ويفسر حلماً للملك نبوخذ نصر البابلي الذي خرب أورشليم – بيت المقدس – في القرن السادس قبل الميلاد وأخذ اليهود سبايا، لم يختلف مفسر قديم أو حديث على أن المملكة الأولي هي مملكة بابل أما الخلاف فسيكون بين المتأخرين والمحدثين في تفسير الممالك الأخرى. حيث يفسر علماء الكتاب الحاليين المملكة الثانية بمملكة فارس والثالثة مملكة ميديا [6] (مع أن فارس وميديا مملكة واحدة) والمملكة الرابعة مملكة اليونان. اختلف مع هذا التفسير من المحدثين الطبعة القديمة لطبعة اليسوعيين للكتاب المقدس، حيث ترى المملكة الثانية هي مملكة فارس وميديا [7] والمملكة الثالثة اليونان والرابعة الرومان .. وهذا التفسير الأخير يتفق وكتب الآباء الأولين [8] وكتبالسوديبيجرافا(*)، ففي سفر عزرا الرابع [9]، وهو سفر هام دخل في نص من أهم نصوص العهد القديم (الفولجاتا – النص اللاتيني) – كملحق – لكنه اختفى في النصوص اللاحقة [10]
في هذا السفر، تفسر لنا رؤيا رآها عزرا نفسه حيث رأى نسراً يخرج من البحر، هذا النسر فسر على أنه المملكة الرابعة التي تكلم عنها دانيال (سفر عزرا الرابع – الفصل 12 العدد 11-13) والنسر كما نعلم هو رمز الإمبراطورية الرومانية.
وهذا أيضاً تفسير العلامة "تشارلز" الذى استعرنا من كتابه نصوص سفر عزرا الرابع (ص 569).
بل إن التلمود نفسه “T.B. Aboda Zara Ib”أول تلك المملكة الرابعة على أنها الإمبراطورية الرومانية [11] .
ومن الكتب الأخرى التي تذكر أن المملكة الرابعة هي الإمبراطورية الرومانية التي سيحطمها النبى المنتظر "الميدراش" "بسكيتا رباتي" (88، 5 – 6) وكتاب المؤرخ اليهودى القديم "بوسيفوس" "العاديات اليهودية" الجزء الثاني (5/2) .
كذلك "ترجوم يروشالمي" (تكوين 40 ، 20)
[right]فما تفسيره فهذا ما نخبر به الملك: أنت أيها الملك هو ملك الملوك ، لأن إله السماوات أنعم عليك بمملكة وقدرة وسلطان ومجد، وولاك وسلطك على كل ما يسكنه أبناء البشر ووحوش البر وطيور السماء. فأنت الرأس الذي من ذهب. ثم لا تلبث أن تقوم من بعدك مملكة أخرى أقل شأنا منك، وتليها مملكة ثالثة أخرى ممثلة بالنحاس فتسود على كل الأرض. ثم تعقبها مملكة رابعة صلبة كالحديد الذي يدق ويسحق كل شيء. وكا رأيت أن القدمين والأصابع هي خليط من خزف وحديد، فإن المملكة تكون منقسمة فيكون فيها من قوة الحديد، بمقدار ما شاهدت فيها من الحديد مختلطاً بالخزف.
وكما أن أصابع القدمين بعضها من حديد والبعض من خزف، فإن بعض المملكة يكون صلباً والبعض الآخر هشاً. وكما رأيت الحديد مختلطاً بخزف الطين، فإن هذه المملكة تعقد صلات زواج مع ممالك الناس الأخرى، إنما لا يلتحمون معاً، كما أن الحديد لا يختلط بالخزف . وفي عهد هؤلاء الملوك يقيم إله السماوات مملكة لا تنقرض إلى الأبد، ولا يترك ملكها لشعب آخر، وتسحق وتبيد جميع هذه الممالك. أما هي فتخلد إلى الأبد".
يشرح النبى دانيال هنا ويفسر حلماً للملك نبوخذ نصر البابلي الذي خرب أورشليم – بيت المقدس – في القرن السادس قبل الميلاد وأخذ اليهود سبايا، لم يختلف مفسر قديم أو حديث على أن المملكة الأولي هي مملكة بابل أما الخلاف فسيكون بين المتأخرين والمحدثين في تفسير الممالك الأخرى. حيث يفسر علماء الكتاب الحاليين المملكة الثانية بمملكة فارس والثالثة مملكة ميديا [6] (مع أن فارس وميديا مملكة واحدة) والمملكة الرابعة مملكة اليونان. اختلف مع هذا التفسير من المحدثين الطبعة القديمة لطبعة اليسوعيين للكتاب المقدس، حيث ترى المملكة الثانية هي مملكة فارس وميديا [7] والمملكة الثالثة اليونان والرابعة الرومان .. وهذا التفسير الأخير يتفق وكتب الآباء الأولين [8] وكتبالسوديبيجرافا(*)، ففي سفر عزرا الرابع [9]، وهو سفر هام دخل في نص من أهم نصوص العهد القديم (الفولجاتا – النص اللاتيني) – كملحق – لكنه اختفى في النصوص اللاحقة [10]
في هذا السفر، تفسر لنا رؤيا رآها عزرا نفسه حيث رأى نسراً يخرج من البحر، هذا النسر فسر على أنه المملكة الرابعة التي تكلم عنها دانيال (سفر عزرا الرابع – الفصل 12 العدد 11-13) والنسر كما نعلم هو رمز الإمبراطورية الرومانية.
وهذا أيضاً تفسير العلامة "تشارلز" الذى استعرنا من كتابه نصوص سفر عزرا الرابع (ص 569).
بل إن التلمود نفسه “T.B. Aboda Zara Ib”أول تلك المملكة الرابعة على أنها الإمبراطورية الرومانية [11] .
ومن الكتب الأخرى التي تذكر أن المملكة الرابعة هي الإمبراطورية الرومانية التي سيحطمها النبى المنتظر "الميدراش" "بسكيتا رباتي" (88، 5 – 6) وكتاب المؤرخ اليهودى القديم "بوسيفوس" "العاديات اليهودية" الجزء الثاني (5/2) .
كذلك "ترجوم يروشالمي" (تكوين 40 ، 20) .
(*) السوديبيجرافا: الترجمة الحرفية للكلمة تعنى الكتابات الكاذبة. ويقصد بها تلك الكتب التي نسبت إلى العهد القديم (التوراة) ولم يعترف بها فيما بعد مجمع "جمنيا" (في أواخر القرن الأول الميلادي) بالرغم من أن عدداً كبيراً منها قبل هذا التاريخ – بل وبعده أيضاً – كان ذا أثر بالغ وقداسة قاطعة عند طوائف عديدة ففي المجمع المذكور آنفاً اعتمدت بشق الأنفس أسفاراً متنازع عليها مثل (استير – حزقيال – نشيد الإنشاد) وكذلك سفر دانيال الذي اعترفت بسلطته طائفة الفريسيين اليهودية، أما طائفة الصدوقيين اليهودية أيضاً فلم يعترفوا به دون شك (المصدر السابق – المجلد الأول ص 49) أما بالنسبة لكتب التوراة عند النصارى (العهد القديم) فلم يسلموا بمجمع "جمنيا" اللهم إلا البروتوستانت. أما الغربيون منهم وشمال إفريقيا فانتظروا حتى القرن الرابع وأقروا ما في مجمع قرطاجنة المذكور من قبل. وأما الشرقيون منهم (الكنائس الشرقية الناطقة باليونانية) فلم يكن لها تنظيم شرعي على مر العصور إلى يومنا هذا. (المصدر السابق) .
وعلى الجانب الآخر هناك كتب كانت ذات شأن عظيم نسبت للتوراة وحذفت من القانون(مجموع الكتب المعتمدة) (سوديبجرافا) وإن اعترف أن لها شأنا عظيماً لبنيان المؤمن (المصدر السابق) هذه الكتب أمثال: (سفر أخنوخ – اليوبيلات – رؤيا باروك – عهود الأسباط – عهد إبراهيم – عهد موسى – رؤيا إبراهيم – كتاب آدم وحواء).
هي كتب إذن يعتد بها وإن لم يسمح بالتعبد بها. ولم يدع أحد مطلقاً أنها دست على أهل الكتاب من غيرهم.