قال العلامة ابن القيم -رحمه الله- :
القبول مختلف ومتفوت بحسب رضا الرب سبحانه بالعمل
فقبول: يوجب رضا الله سبحانه وتعالى بالعمل، ومباهاة الملائكة به، وتقريب عبده منه.
وقبول: يترتب عليه كثرة الثواب والعطاء فقط.
كمن يتصدق بألف دينار من جملة ماله -مثلا- بحيث لم يكترث بها، والألف لم تنقصه نقصا يتأثر به، بل هي في بيته بمنزلة حصىً لقيه في داره أخرج منه هذا المقدار. إما ليتخلص من همه وحفظه، وإما ليجازى عليه بمثله أو غير ذلك.
وآخر عنده رغيف واحد هو قوته، لا يملك غيره، فآثر به على نفسه من هو أحوج منه إليه محبة لله وتقربا إليه وتوددا ورغبة في مرضاته وإيثارا على نفسه.
فيا لله كم بعد ما بين الصدقتين في الفضل ومحبة الله وقبوله ورضاه؟
وقد قبل سبحانه هذه وهذه لكن قبول الرضا والمحبة والاعتداد والمباهاة شيء وقبول الثواب والجزاء شيء.
وأنت تجد هذا في الشاهد في ملك تهدى إليه هدية صغيرة المقدار لكنه يحبها ويرضاها فيظهرها لخواصه وحواشيه ويثني على مهديها في كلمات كهدية كثيرة العدد والقدر جدا لا تقع عنده موقعا ولكن يكون في جودة لا يضيع ثواب مهديها بل يعطيه عليها أضعافها وأضعاف أضعافها فليس قبوله لهذه الهدية مثل قبوله للأولى.
ولهذا قال ابن عمر أو غيره من الصحابة رضي الله عنهم:
"لو أعلم أن الله يتقبل مني سجدة واحدة لم يكن غائب أحب إلي من الموت"
إنما يريد به القبول الخاص وإلا فقبول العطاء والجزاء حاصل لأكثر الأعمال.
والقبول له أنواع :
1:قبول رضا ومحبة واعتداد ومباهاة وثناء على العامل به بين الملأ الأعلى.
2:قبول جزاء وثواب وإن لم يقع موقع الأول.
3:قبول إسقاط للعقاب فقط وإن لم يترتب عليه ثواب وجزاء كقبول صلاة من لم يحضر قلبه في شيء منها فإنه ليس له من صلاته إلا ما عقل منها فإنها تسقط الفرض ولا يثاب عليها وكذلك صلاة الآبق وصلاة من أتى عرافا فصدقه فإن البعض قد حقق أن صلاة هؤلاء لا تقبل ومع هذا فلا يؤمرون بالإعادة يعني: أن عدم قبول صلاتهم إنما هو في حصول الثواب لا في سقوطها من ذمته.
انتهى كلامه رحمه الله.