منتديات جزائر الأحبة
منتديات جزائر الأحبة
منتديات جزائر الأحبة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
الاشتراك
ضع بريدك ليصلك جديد المنتدى

Enter your email address:

Delivered by FeedBurner

المواضيع الأخيرة
» برنامج InstantDemo كامل تصوير سطح المكتب بالفلاش
عبد الحميد بن باديس Icon_minitimeالأربعاء أكتوبر 02, 2013 9:32 am من طرف naruto14145

» أجمل كلام قيل في الرجل
عبد الحميد بن باديس Icon_minitimeالأحد ديسمبر 04, 2011 4:02 am من طرف شاعر الليل

» تعلّم كيف تشكر الآخرين
عبد الحميد بن باديس Icon_minitimeالأحد ديسمبر 04, 2011 4:00 am من طرف شاعر الليل

» الاهانة جمرة تحرق القلب
عبد الحميد بن باديس Icon_minitimeالثلاثاء مايو 25, 2010 9:12 am من طرف أمينة الحنان

» كلام الأقران يطوى ولا يروى‎
عبد الحميد بن باديس Icon_minitimeالثلاثاء مايو 25, 2010 9:01 am من طرف أمينة الحنان

» سر السعادة
عبد الحميد بن باديس Icon_minitimeالأربعاء مايو 19, 2010 9:34 am من طرف وردة الربيع

» متصفح جوجل كروم
عبد الحميد بن باديس Icon_minitimeالثلاثاء مايو 18, 2010 11:33 am من طرف ZOOMA

» البشارات بالإسلام في الكتب المقدسة مملكة الله
عبد الحميد بن باديس Icon_minitimeالثلاثاء مايو 18, 2010 10:51 am من طرف محمد حميدي

» الصديق كالأخ أوأكثر مهما أخطأ سامحه .. للـنــقــــاش ..
عبد الحميد بن باديس Icon_minitimeالثلاثاء مايو 18, 2010 3:10 am من طرف ZOOMA

الزوار

.: عدد زوار المنتدى :.

تصويت
ما رايك بالمنتدى؟
ممتاز
عبد الحميد بن باديس Vote_rcap179%عبد الحميد بن باديس Vote_lcap
 79% [ 33 ]
متوسط
عبد الحميد بن باديس Vote_rcap17%عبد الحميد بن باديس Vote_lcap
 7% [ 3 ]
يحتاج الى تعديل
عبد الحميد بن باديس Vote_rcap114%عبد الحميد بن باديس Vote_lcap
 14% [ 6 ]
مجموع عدد الأصوات : 42
التوقيت

Myspace Comments - Pretty Flowers and Birds Myspace Calendar Fun Quizzes Dumb Tests MySpace Quizzes

 

 عبد الحميد بن باديس

اذهب الى الأسفل 

هل تظن ان عبد الحميد ولد في 16 ابريل
1- نعم
عبد الحميد بن باديس Vote_rcap10%عبد الحميد بن باديس Vote_lcap
 0% [ 0 ]
2-لا
عبد الحميد بن باديس Vote_rcap10%عبد الحميد بن باديس Vote_lcap
 0% [ 0 ]
3-لم يولد و لكنه سجل في 16 ابريل
عبد الحميد بن باديس Vote_rcap1100%عبد الحميد بن باديس Vote_lcap
 100% [ 1 ]
مجموع عدد الأصوات : 1
 
التصويت مغلق

كاتب الموضوعرسالة
ZOOMA
عضو ملكي
عضو ملكي
ZOOMA


الهوايات : الرسم
المهن : غير معروف
المزاج : رايق
الجزائر
عدد المساهمات : 749
نقاط : 1863

عبد الحميد بن باديس Empty
مُساهمةموضوع: عبد الحميد بن باديس   عبد الحميد بن باديس Icon_minitimeالإثنين سبتمبر 14, 2009 12:30 pm

مولده ونشأته
هو عبد الحميد بن محمد المصطفى بن المكي بن محمد كحول بن الحاج علي النوري بن محمد بن محمد بن عبد الرحمان بن بركات بن عبد الرحمان بن باديس الصنهاجي. ولد بمدينة قسنطينة يوم الأربعاء 11 ربيع الثاني 1307 هـ الموافق لـ 4 ديسمبر 1889 على الساعة الرابعة بعد الظهر، وسجل يوم الخميس 12 ربيع الثاني 1307 هـ الموافق لـ 5 ديسمبر 1889 م في سجلات الحالة المدنية.
كان عبد الحميد الابن الأكبر لوالديه، فأمه هي: السيدة زهيرة بنت محمد بن عبد الجليل بن جلول من أسرة مشهور بقسنطينة لمدة أربعة قرون على الأقل، وعائلة "ابن جلول من قبيلة "بني معاف" المشهورة في جبال الأوراس، انتقل أحد أفرادها إلى قسنطينة في عهد الأتراك العثمانيين وهناك تزوج أميرة تركية هي جدة الأسرة (ابن جلول) ولنسبها العريق تزوجها والده محمد بن مصطفى بن باديس (متوفى 1951) الذي شغل منصب مندوبا ماليا وعضوا في المجلس الأعلى وباش آغا شرفيا، ومستشارا بلديا بمدينة قسنطينة ووشحت فرنسا صدره بميدالية (بالفرنسية: Chevalier de la légion la légion d’honneur)، وقد احتل مكانة مرموقة بين جماعة الأشراف وكان ذوي الفضل والخلق الحميد ومن حفظة القرآن الكريم، ويعود إليه الفضل في إنقاذ سكان منطقة واد الزناتي من الإبادة الجماعية سنة 1945 على إثر حوادث 8 ماي المشهورة، وقد اشتغل بالإضافة إلى ذلك بالفلاحة والتجارة، وأثرى فيهما.
أما اخوته الستة: الزبير المدعو المولود، العربي، سليم، عبد المليك، محمود وعبد الحق، والأختين نفيسة والبتول. كان أخوه الزبير محاميا وناشرا صحفيا في صحيفة "صدى الأهالي" L'Echo Indigéne ما بين 19331934. كما تتلمذ الأستاذ عبد الحق على يد أخيه الشيخ عبد الحميد بالجامع الأخضر وحصل على الشهادة الأهلية في شهر جوان سنة 1940 على يد الشيخ مبارك الميلي بعد وفاة الشيخ بن باديس بحوالي شهرين.
من أسلاف عبد الحميد المتأخرىن جده لأبيه: الشيخ "المكي بن باديس" الذي كان قاضيا مشهورا بمدينة قسنطينة وعضوا في المجلس العام وفي اللجنة البلدية، وقد احتل مقاما محترما لدى السكان بعد المساعدات المالية التي قدمها لهم خاصة أثناء المجاعة التي حلت بالبلاد فيما بين 1862 – 1868 م ودعي إلى الاستشارة في الجزائر وباريس، وقد تقلد وساما من يد "نابليون الثالث" (تقلد رئاسة فرنسا من 1848-1852 م وإمبراطور من 1852-1870 م)، وعمه "حميدة بن باديس" النائب الشهير عن مدينة قسنطينة أواخر القرن التاسع عشر الذي اشترك مع ثلاثة من زملائه النواب في عام 1891 م في كتابة عريضة بأنواع المظالم والاضطهادات التي أصبح يعانيها الشعب الجزائري في أواخر القرن التاسع عشر الميلاد من الإدارة الاستعمارية والمستوطنين الأوروبيين الذي استحوذوا على الأراضي الخصبة من الجزائريين وتركوهم للفقر والجوع وقاموا بتقديمها إلى أحد أعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي الذي حضر إلى الجزائر من أجل البحث وتقصي الأحوال فيها كي يقدمها بدوره إلى الحكومة الفرنسية وأعضاء البرلمان الفرنسي في باريس وذلك بتاريخ 10 أفريل سنة 1891 أي بعد ولادة عبد الحميد بن باديس بحوالي ثلاثة سنوات فقط.
أما من قبلهم من الأسلاف الذين تنتمي إليهم الأسرة الباديسية فكان منهم العلماء والأمراء والسلاطين، ويكفي أن نشير إلى أنهم ينتمون إلى أسرة عريقة في النسب كما يقول مؤلفا كتاب أعيان المغاربة المستشرقان Marthe et Edmond Gouvion والمنشور بمطبعة فوناتانا في الجزائر 1920, بأن ابن باديس ينتمي إلى بيت عريق في العلم والسؤدد ينتهي نسبه في سلسلة كعمود الصبح إلى بني باديس الذين جدهم الأعلى هو مناد بن مكنس الذي ظهرت علامات شرفه وسيطرته في وسط قبيلته في حدود القرن الرابع الهجري, وأصل هذه القبيلة كما يقول المستشرقان من ملكانة أو تلكانة وهي فرع من أمجاد القبيلة الصنهاجية العظيمة "البربرية" المشهورة في الجزائر والمغرب الإسلامي. ومن رجالات هذه الأسرة المشهورين في التاريخ الذين كان الشيخ عبد الحميد بن باديس يفتخر بهم كثيرا "المعز لدين الله بن باديس" (حكم: 406-454 هـ/1016-1062 م) الذي قاوم البدعة ودحرها، ونصر السنة وأظهرها، وأعلن مذهب أهل السنة والجماعة مذهبًا للدولة، مؤسس الدولة الصنهاجية وابن الأمير "باديس بن منصور" والى إفريقيا والمغرب الأوسط (حكم: 373-386 هـ/984-996م) سليل الأمير "بلكين بن زيري بن مناد المكنى بأبي الفتوح والملقب سيف العزيز بالله الذي تولى الإمارة (361-373 هـ/971-984م) إبان حكم الفاطمين.
في العهد العثماني برزت عدة شخصيات من بينها قاضي قسنطينة الشهير أبو العباس حميدة بن باديس (توفى سنة 969 هـ/1561م) قال عنه شيخ الإسلام عبد الكريم الفكون : "هو من بيتات قسنطينة وأشرافها وممن له الريّاسة والقضاء والإمامة بجامع قصبتها، وخَلَفُ سلف صالحين علماء حازوا قصب السبق في الدراية والمعرفة والولاية، وناهيك بهم من دار صلاح وعلم وعمل". وأبو زكرياء يحيى بن باديس بن الفقيه القاضي أو العباس "كان حييا ذا خلق حسن، كثير التواضع، سالم الصدر من نفاق أهل عصره، كثير القراءة لدلائل الخيرات ذا تلاوة لكتاب الله".
وأبو الحسن علي بن باديس الذي اشتهر في مجال الأدب الصوفي بقسنطينة إبان القرن العاشر الهجري، السادس عشر الميلادي وهو صاحب القصيدة السينية التي نظمها في الشيخ "عبد القادر الجيلاني" مطلعها:
ألا سر إلى بغداد فهي مني النفس وحدق لهمت عمن ثوى باطن الرمس
والشيخ المفتي بركات بن باديس دفين مسجد سيدي قموش بقسنطينة في الفترة نفسها. وأبو عبد الله محمد بن باديس قال عنه الشيخ الفكون : "كان يقرأ معنا على الشيخ التواتي (محمد التواتي أصله من المغرب كانت شهرته بقسنطينة وبها انتشر علمه، كانت له بالنحو دراية ومعرفة حتى لقب بسيبويه زمانه، وله معرفة تامة بعلم القراءات) آخر أمره، وبعد ارتحاله استقل بالقراءة عليّا وهو من موثقي البلدة وممن يشار إليه". والشيخ أحمد بن باديس الذي كان إماما بقسنطينة أيام "الشيخ عبد الكريم الفكون" خلال القرن الحادي عشر الهجري، السابع عشر الميلادي.
من هذه الأسرة العريقة انحدر عبد الحميد بن باديس، وكان والده بارًا به يحبه حبا جما ويعطف عليه ويتوسم النباهة وهو الذي سهر على تربيته وتوجيهه التوجيه الذي يتلاءم مع فطرته ومع تطلعات العائلة، كما كان الابن من جهته يجل آباه ويقدره و يبره. والحق أن "عبد الحميد" يعترف هو نفسه في آخر حياته بفضل والده عليه منذ أن بصر النور وذلك في حفل ختم تفسير القرآن سنة 1938 م، أمام حشد كبير من المدعوين ثم نشر في مجلة "الشهاب"، فيقول : "إن الفضل يرجع أولاً إلى والدي الذي ربّاني تربية صالحة ووجهني وجهة صالحة، ورضي لي العلم طريقة أتبعها ومشرباً أرده، وقاتني وأعاشني وبراني كالسهم وحماني من المكاره صغيراً وكبيراً، وكفاني كلف الحياة... فالأشكرنه بلسانه ولسانكم ما وسعني الشكر. ولأكلُ ما عجزت عنه من ذلك للَّه الذي لا يضيع أجر المحسنين».

[عدل] نص عبد الحميد على




[عدل] في جامع الزيتونة


في عام 1908 م قرر ابن باديس أن يبدأ رحلته العلمية الأولى إلى تونس، وفى رحاب جامع الزيتونة الذي كان مقراً كبيراً للعلم والعلماء يُشبه في ذلك الأزهر في مصر. وفي الزيتونة تفتحت آفاقه، وعبّ من العلم عبًّا، والتقى بالعلماء الذين كان لهم تأثير كبير في شخصيته وتوجهاته، مثل الشيخ محمد النخلي الذي غرس في عقل ابن باديس غرسة الإصلاح وعدم تقليد الشيوخ، وأبــان لــه عن المنهج الصحيح في فهم القرآن. كما أثار فيه الشيخ محمد الطاهر بن عاشور حب العربية وتذوّق جمالها ، ويرجع الفضل للشيخ البشير صفر في الاهتمام بالتاريخ ومشكلات المسلمين المعاصرة وكيفية التخلص من الاستعمار الغربي وآثاره.
تخـرج الشيخ من الزيتونة عام 1912 م وبقي عاماً آخر للتدريس حسب ما تقتضيه تقاليد هذه الجامعة، وعندما رجع إلى الجزائر شرع على الفور بإلقاء دروس في الجامع الكبير في قسنطينة، ولكن خصوم الإصلاح تحركوا لمنعه، فقرر القيام برحلة ثانية لزيارة أقطار المشرق العربي. وابن باديس صحيح لم يحارب باسيف بل حارب بالقلم

[عدل] في المدينة المنورة


بعد أداء فريضة الحج مكث الشيخ ابن باديس في المدينة المنورة ثلاثة أشهر، ألقى خلالها دروساً في المسجد النبوي، والتقى بشيخه السابق أبو حمدان الونيسي وتعرف على رفيق دربه ونضاله فيما بعد الشيخ البشير الإبراهيمي. وكان هذا التعارف من أنعم اللقاءات وأبركها، فقد تحادثا طويلاً عن طرق الإصلاح في الجزائر واتفقا على خطة واضحة في ذلك. وفي المدينة اقترح عليه شيخه الونيسي الإقامة والهجرة الدائمة، ولكن الشيخ حسين أحمد الهندي المقيم في المدينة أشار عليه بالرجوع للجزائر لحاجتها إليه. زار ابن باديس بعد مغادرته الحجاز بلاد الشام ومصر واجتمع برجال العلم والأدب وأعلام الدعوة السلفية، وزار الأزهر واتصل بالشيخ بخيت المطيعي حاملاً له رسالة من الشيخ الونيس

[عدل] العودة إلى الجزائر


وصل ابن باديس إلى الجزائر عام 1913 م واستقر في مدينة قسنطينة، وشرع في العمل التربوي الذي صمم عليه، فبدأ بدروس للصغار ثم للكبار، وكان المسجد هو المركز الرئيسي لنشاطه، ثم تبلورت لديه فكرة تأسيس جمعية العلماء المسلمين، واهتماماته كثيرة لا يكتفي أو يقنع بوجهة واحدة، فاتجه إلى الصحافة، وأصدر جريدة المنتقد عام 1925 م وأغلقت بعد العدد الثامن عشر؛ فأصدر جريدة الشهاب الأسبوعية، التي بث فيها آراءه في الإصلاح، واستمرت كجريدة حتى عام 1929 م ثم تحولت إلى مجلة شهرية علمية، وكان شعارها: "لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح بها أولها"، وتوقفت المجلة في شهر شعبان 1328 هـ (أيلول عام 1939 م) بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية، وحتى لا يكتب فيها أي شيء تريده الإدارة الفرنسية تأييداً لها، وفي سنة 1936 م دعا إلى مؤتمر إسلامي يضم التنظيمات السياسية كافة من أجل دراسة قضية الجزائر، وقد وجه دعوته من خلال جريدة لاديفانس التي تصدر بالفرنسية، واستجابت أكثر التنظيمات السياسية لدعوته وكذلك بعض الشخصيات المستقلة، وأسفر المؤتمر عن المطالبة ببعض الحقوق للجزائر، وتشكيل وفد سافر إلى فرنسا لعرض هذه المطالب وكان من ضمن هذا الوفد ابن باديس والإبراهيمي والطيب العقبي ممثلين لجمعية العلماء، ولكن فرنسا لم تستجب لأي مطلب وفشلت مهمة الوفد....

[عدل] العوامل المؤثرة في شخصية ابن باديس


لا شك أن البيئة الأولى لها أثر كبير في تكوين شخصية الإنسان، وفي بلد كالجزائر عندما يتفتح ذهن المسلم على معاناته من فرنسا، وعن معاناته من الجهل والاستسلام للبدع-فسيكون هذا من أقوى البواعث لأصحاب الهمم وذوي الإحساس المرهف على القلق الذي لا يهدأ حتى يحقق لدينه ولأمته ما يعتبره واجباً عليه، وكان ابن باديس من هذا النوع. وإن بروز شخصية كابن باديس من بيئة ثرية ذات وجاهة لَهو دليل على إحساسه الكبير تجاه الظلم والظالمين، وكان بإمكانه أن يكون موظفاً كبيراً ويعيش هادئاً مرتاح البال ولكنه اختار طريق المصلحين.
وتأتي البيئة العلمية التي صقلت شخصيته وهذبت مناحيه والفضل الأكبر يعود إلى الفترة الزيتونية ورحلته الثانية إلى الحجاز والشام حيث تعرف على المفكرين والعلماء الذين تأثروا بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وما دعا إليه من نقاء العقيدة وصفائها. وكان لمجلة المنار التي يصدرها الشيخ رشيد رضا أثر قوي في النظر لمشكلات المسلمين المعاصرة والحلول المطروحة.
ومما شجع ابن باديس وأمضى عزيمته وجود هذه العصبة المؤمنة حوله-وقد وصفهم هو بالأسود الكبار-من العلماء والدعاة أمثال الإبراهيمي والتبسي والعقبي والميلي. وقد عملوا معه في انسجام قلّ أن يوجد مثله في الهيئات الأخرى.

[عدل] آثار ابن باديس


شخصية ابن باديس شخصية غنية ثرية و من الصعوبة في حيز ضيق من الكتابة الإلمام بكل أبعادها وآثارها؛ فهو مجدد ومصلح يدعو إلى نهضة المسلمين و يعلم كيف تكون النهضة. يقول:
«' إنما ينهض المسلمون بمقتضيات إيمانهم بالله ورسوله إذا كانت لهم قوّة، وإذا كانت لهم جماعة منظّمة تفكّر وتدبّر وتتشاور وتتآثر، وتنهض لجلب المصلحة ولدفع المضرّة، متساندة في العمل عن فكر و عزيمة. '»
عبد الحميد بن باديس 200px-Ibn_Badis_-_El_Oqbi عبد الحميد بن باديس Magnify-clip
الشّيخ عبد الحميد ابن باديس (يسارا) والشّيخ الطيّب العقبي ( يمينا)



وهو عالم مفسّر، فسّر القرآن الكريم كلّه خلال خمس و عشرين سنة في دروسه اليومية كما شرح موطأ مالك خلال هذه الفترة، وهو سياسي يكتب في المجلات و الجرائد التي أصدرها عن واقع المسلمين و خاصة في الجزائر و يهاجم فرنسا وأساليبها الاستعمارية ويشرح أصول السياسة الإسلامية، وقبل كل هذا هو المربي الذي أخذ على عاتقه تربية الأجيال في المدارس والمساجد، فأنشأ المدارس واهتم بها، بل كانت من أهم أعماله، وهو الذي يتولى تسيير شؤون جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ، و يسهر على إدارة مجلة الشهاب ويتفقد القاعدة الشعبية باتصالاته المستمرة. إن آثار ابن باديس آثار عملية قبل أن تكون نظرية في كتاب أو مؤلَّف، والأجيال التي رباها كانت وقود معركة تحرير الجزائر ، و قليل من المصلحين في العصر الحديث من أتيحت لهم فرص التطبيق العملي لمبادئهم كما أتيحت لابن باديس ؛ فرشيد رضا كان يحلم بمدرسة للدعاة ، و لكن حلمه لم يتحقق ، و نظرية ابن باديس في التربية أنها لا بد أن تبدأ من الفرد ، فإصلاح الفرد هو الأساس .
و طريقته في التربية هي توعية هذا النشء بالفكرة الصحيحة كما ذكر الشّيخ الإبراهيمي عن اتفاقهما في المدينة: "كانت الطريقة التي اتفقنا عليها سنة 1913 في تربية النشء هي ألا نتوسع له في العلم و إنما نربيه على فكرة صحيحة"
ينتقد ابن باديس مناهج التعليم التي كانت سائدة حين تلقيه العلم و التي كانت تهتم بالفروع و الألفاظ - فيقول: "و اقتصرنا على قراءة الفروع الفقهية، مجردة بلا نظر ، جافة بلا حكمة، وراء أسوار من الألفاظ المختصرة ، تفني الأعمار قبل الوصول إليها" المصدر السابق ص141. أما إنتاجه العلمي فهو ما جمع بعد من مقالاته في "الشهاب" وغيرها و من دروسه في التّفسير والحديث لم يصلنا كل ما كتبه أو كل ما ألقاه من دروس في التّفسير و الحديث. وقد جُمع ما نشر في (الشهاب) من افتتاحيات تحت عنوان "مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير" بإشراف محمد الصالح رمضان، وتوفيق شاهين. و حاول الدّكتور عمار الطالبي جمع آثاره كلها، ولكن لا يزال هناك أشياء لم تُجمع.الكاتب تاهمي محمد

[عدل] الوسط الثقافي والفكري والدينية الذي تربى وترعرع فيه الشيخ ابن باديس


أولاً: الحالة الثقافية والفكرية في الجزائر قبل الاحتلال :
إن انتشار المدارس والمعاهد والزوايا في مختلف نواحي الجزائر خلال تلك الفترة، دليل على أن الحياة الفكرية والثقافية كانت مزدهرة بها.
وقد اشتهرت مدن قسنطينة والجزائر و تلمسان وبلاد ميزاب في الجنوب بكثرة المراكز التعليمية، وكان يقوم عليها أساتذة وعلماء مشهود لهم بعلو المكانة ورسوخ القدم في العلم والمعرفة، مثل الشيخ (الثميني) في الجنوب، والشيخ (الداوودي) في تلسمان، والشيخ (ابن الحفّاف) بالعاصمة، والشيخ (ابن الطبّال) بقسنطينة، والشيخ (محمد القشطولي) في بلاد القبائل، وغيرهم كثير ممن تفرّغوا للتدريس ونشر العلم.
وكان من نتائج هذا الانتشار الواسع لمراكز التربية والتعليم، أن أصبحت نسبة المتعلمين في الجزائر تفوق نسبة المتعلمين في فرنسا، (فقد كتب الجنرال فالز سنة 1834م بأن كل العرب (الجزائريين) تقريبًا يعرفون القراءة والكتابة، حيث إن هناك مدرستين في كل قرية... أما الأستاذ ديميري، الذي درس طويلاً الحياة الجزائرية في القرن التاسع عشر، فقد أشار إلى أنه قد كان في قسنطينة وحدها قبل الاحتلال خمسة وثلاثون مسجدًا تستعمل كمراكز للتعليم، كما أن هناك سبع مدارس ابتدائية وثانوية يحضرها بين ستمائة وتسعمائة طالب، ويدرّس فيها أساتذة محترمون لهم أجور عالية).
وقد أحصيت المدارس في الجزائر سنة 1830م، بأكثر من ألفي مدرسة ما بين ابتدائية وثانوية وعالية.
وكتب الرحالة الألماني (فيلهلم شيمبرا) حين زار الجزائر في شهر ديسمبر 1831م، يقول: (لقد بحثتُ قصدًا عن عربي واحد في الجزائر يجهل القراءة والكتابة، غير أني لم أعثر عليه، في حين أني وجدت ذلك في بلدان جنوب أوروبا، فقلما يصادف المرء هناك من يستطيع القراءة من بين أفراد الشعب).. وخير المثال ما شهد به الأعداء. وقد برز في هذه الفترة علماء في كثير من العلوم النقلية والعقلية، زخرت بمؤلفاتهم المكتبات العامة والخاصة في الجزائر، غير أن يد الاستعمار الغاشم عبثت بها سلبًا وحرقًا، في همجية لم يشهد لها التاريخ المعاصر مثيلاً. يقول أحد الغربيين واصفًا ذلك: (إن الفرنسيين عندما فتحوا مدينة قسنطينة في شمالي أفريقيا، أحرقوا كل الكتب والمخطوطات التي وقعت في أيديهم، كأنهم من صميم الهمج).
يظهر مما ذكرنا أنه كان للجزائر مكانها المرموق بين أقطار المغرب في خدمة علوم العربية والإسلام، كما قدّمت للميدان أعلامًا من رجالها، حملوا الأمانة، وكانت تُشدُّ إليهم الرحال في طلب العلم.
ثانيًا : الحالة الثقافية والفكرية والدينية أثناء الاحتلال :
يمكن تقسيم الفترة الممتدة من دخول الاستعمار إلى ظهور دعوة الشيخ عبد الحميد بن باديس إلى مرحلتين:

  • المرحلة الأولى (1830-1900م):

لم تقتصر اعتداءات الاحتلال الفرنسي للجزائر على الجوانب السياسية والعسكرية والاقتصادية فحسب، بل عمد إلى تدمير معالم الثقافة والفكر فيها، وقد ظهر حقده الصليبي في إصراره على تحطيم مقومات الأمة، وفي مقدمتها الدين الإسلامي واللغة العربية، معتمدًا في ذلك على ما يلي :
1 - مصادرة الأوقاف الإسلامية:
كان التعليم في الجزائر يعتمد اعتمادًا كبيرًا على مردود الأوقاف الإسلامية في تأدية رسالته، وكانت هذه الأملاك قد وقفها أصحابها للخدمات الخيرية، وخاصة المشاريع التربوية كالمدارس والمساجد والزوايا. وكان الاستعمار يدرك بأن التعليم ليس أداة تجديد خُلقي فحسب، بل هو أداة سلطة وسلطان ووسيلة نفوذ وسيطرة، وأنه لا بقاء له إلا بالسيطرة علىه، فوضع يده على الأوقاف، قاطعًا بذلك شرايين الحياة الثقافية. جاء في تقرير اللجنة الاستطلاعية التي بعث بها ملك فرنسا إلى الجزائر يوم 7/7/1833م ما يلي: (ضممنا إلى أملاك الدولة سائر العقارات التي كانت من أملاك الأوقاف، واستولينا على أملاك طبقة من السكان، كنا تعهدنا برعايتها وحمايتها... لقد انتهكنا حرمات المعاهد الدينيــة ونبشنــا القبــور، واقتحمنــا المنـازل التي لهـا حُرْمَتهـا عنـد المسلمين...).
2- التضييق على التعليم العربي :
أدرك المستعمر منذ وطئت أقدامه أرض الجزائر، خطورة الرسالة التي تؤديها المساجد والكتاتيب والزوايا، في المحافظة على شخصية الأمة. فلم تكن هذه المراكز قاصرة على أداء الشعائر التعبدية فحسب، بل كانت أيضًا محاضر للتربية والتعليم وإعداد الرجال الصالحين المصلحين، لذلك صبّت فرنسا غضبها عليها بشدة، فعمدت إلى إخماد جذوة العلوم والمعارف تحت أنقاض المساجد والكتاتيب والزوايا، التي دُمّرت فلم تبق منها سوى جمرات ضئيلة في بعض الكتاتيب، دفعتها العقيدة الدينية، فحافظت على لغة القرآن ومبادئ الدين الحنيف في تعليم بسيط وأساليب بدائية. فقد حطم الفرنسيون في 18/12/1832م جامع كتشاوه، وحوّلوه بعد تشويه شكله وتغيير وضعيته إلى كاتدرائية، أُطلق عليها اسم القديس فيليب (بالفرنسية: Cathedrale Saint Philipe) ، والشيء نفسه وقع لمسجد حسن باي بقسنطينة غداة سقوطها بأيديهم(2) سنة 1837م.. هكذا اختفت كثير من الكتاتيب القرآنية ومدارس التعليم الإسلامي، التي كانت مزدهرة قبل الاحتلال الفرنسي. كما طالت يد الحقد الصليبي المكتبات العامة والخاصة، حيث أحــرق جنــود الجنــرال دوق دومـال Dauk Daumale مكتبــة الأميــر عبد القادر الجزائري بمدينة تاقدامت في ربيع الثاني 1259هـ، 10 مايو 1843م، وكان فيها من نوادر المخطوطات ونفائس المؤلفات ما لا يقدر بثمن، ونفس المصير واجهته معظم المكتبات الأخرى. إن هذه الحرب الشعواء التي شنها الاستعمار على الدين الإسلامي واللغة العربية، جعلت التعليم في الجزائر يصل إلى أدنى مستوى له، فحتى سنة 1901 -أي بعد حوالي 70 سنة من الاحتلال- كانت نسبة المتعلمين من الأهالي لا تتعدى 3.8%، فكادت الجزائر أن تتجه نحو الفرنسة والتغريب أكثر من اتجاهها نحو العروبة والإسلام. وقد تأثرت الحياة الفكرية والدينية في هذه الفترة ببعض العوامل الأخرى، نذكر منها ما يلي :
أ- الطرق الصوفية : من الإنصاف أن نذكر هنا الدور الإيجابي الذي قامت به بعض الطرق الصوفية منذ بداية الاحتلال الفرنسي للجزائر، فقد ساهمت بعض زواياها في نشر الثقافة العربية الإسلامية، كما قام كثير من رجالاتها بالتصدي للاستعمار والاستبسال في محاربته. فقد كان الأمير عبد القادر الجزائري راسخ القدم في التصوف، وكان الشيخ الحداد -أحد قادة ثورة القبائل الكبرى عام 1871م- قد انتهت إليه مشيخة الطريقة الرحمانية في وقته، إلا أن كثيرًا من الطرق قد انحرفت في ما بعد عن الخط العام الذي رسمه مؤسسوها الأوائل، فكثرت عندها البدع والضلالات والخرافات، وتقديس القبور والطواف حولها، والنذر لها، والذبح عندها، وغير ذلك من أعمال الجاهلية الأولى. كما أنه كانت لبعض رجالاتها مواقف متخاذلة تجاه الاستعمار، حيث سيطرت هذه الطرق على عقول أتباعها ومريديها، ونشرت بينهم التواكل والكسل، وثبّطت هممهم في الاستعداد للكفاح من أجل طرد المحتل الغاصب، بدعوى أن وجود الاحتلال في الجزائر هو من باب القضاء والقدر، الذي ينبغي التسليم به، والصبر عليه، وأن طاعته هي طاعة لولي الأمر. بهذه الروح المتخاذلة والتفكير المنحرف، كانت بعض الطرق سببًا في إطالة ليل الاستعمار المظلم في البلاد من جهة، وتفرق صفوف الأمة وضلالها في الدين والدنيا من جهة أخرى. ب- انتشار الجهل والأمية : لقد أدّت الثورات المتتالية التي خاضها الشعب ضد الاحتلال الفرنسي الغاشم، إلى فقدان الأمة لزهرة علمائها في ميدان الجهاد. كما أن كثيرًا من المستنيرين من حملة الثقافة العربية الإسلامية هاجروا إلى المشرق العربي، وإلى البلاد الإسلامية الأخرى، يتحيّنون الفرص للرجوع إلى الوطن وتطهيره من سيطرة الفرنسيين، كل ذلك ساهم في انتشار الجهل وتفشي الأمية بين أفراد الأمة، مما أثّر سلبًا على الحياة الفكرية في تلك الفترة. ج- المدارس البديلة التي أنشأها الاستعمار : لم تفتح هذه المدارس في حقيقة الأمر من أجل تعليم أبناء الجزائر، ورفع مستواهم الثقافي، بل كان الاستعمار يقصد من وراء ذلك عدة أمور، منها :
- تجريد الشعب الجزائري من شخصيته العربية الإسلامية، ومحاولة إدماجه وصهره في البوتقة الفرنسية بإعطائه تعليمًا هزيلاً يجعله أسهل انقيادًا لسياسته.
- قتل الروح الوطنية التي أدت إلى اشتعال الثورات المتوالية، وجعل الشعب أكثر خضوعًا للاحتلال.
- إيجاد قلة متعلمة للاستفادة منها في بعض الوظائف التي تخدم الاحتلال.
فقد أنشأت فرنسا لهذا الغرض عدة مدارس ابتدائية، منها المدارس (الفرنسوية الإسلامية Franco-Musulmane ، في الجزائر العاصمة وبعض المدن الأخرى ابتداءً من سنة 1836م. ولم تكن هناك مدارس للتعليم الثانوي والعالي إلا بحلول القرن العشرين، حيث فتحت المدرسة الثعالبية في عهد الحاكم الفرنسي (جونار) سنة 1904م، رغم أن مرسوم إنشائها صدر منذ سنة 1850م. د- هجر الأهالي للمدارس الفرنسية : كان الأهالي يتخوّفون كثيرًا من التعليم الرسمي المقصور على تعلّم اللغة الفرنسية وحضارتها، إذ رأوا فيه وسيلة خطيرة لفرنسة أبنائهم، فكان الإقبال على هذه المدارس ضئيلاً جدًا.. ومع عدم وجود المدارس الحرّة الكفيلة باحتضان أبناء المسلمين، فإن نسبة الأمية ارتفعت إلى درجة مذهلة، كما مر بنا آنفًا. كل هذه العوامل ساهمت بطريقة أو بأخرى في انتشار الجهل والأمية بين أفراد الشعب، مما جعل الحالة الثقافية والفكرية والدينية في تلك الفترة تبعث على الحزن والأسى.

  • المرحلة الثانية (1900-1914م):

الأمة الجزائرية هي قطعة من المجموعة الإسلامية العظمى من جهة الدين، وهي ثلة من المجموعة العربية، من حيث اللغة التي هي لسان ذلك الدين. فالأمة الإسلامية بهذا الدين وهذا اللسان وحدة متماسكة الأجزاء، يأبى الله لها أن تتفرق وإن كثرت فيها دواعي الفرقة، ويأبى لها دينها، وهو دين التوحيد، إلا أن تكون موحدة. فعلى الرغم من الحصار الذي فرضته فرنسا على الجزائر لعزلها عن بقية الأقطار الإسلامية، خاصة تلك التي لم تُبْتَل بما ابتليت به من محاولة طمس دينها ولغتها، فإنه مع إطلالة القرن العشرين بدأت الجزائر تعيش حركة فكرية شبه متواصلة مع الأقطار الإسلامية الأخرى، سواء عن طريق الطلبة الذين ابتعثوا للدراسة في جامع الزيتونة والأزهر والجامعات الإسلامية الأخرى، أو عن طريق الدعوات الإصلاحية التي قامت في البلاد الإسلامية، مثل دعوة جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده.
وهناك عوامل أخرى ساعدت على قيام هذه الحركة الفكرية، كتلك البوادر الإصلاحية الفردية التي قام بها في الجزائر بعض العلماء المتفاعلين مع حركة الإصلاح الإسلامي.. ولعل مما ساعد على قيام هذه النهضة أيضًا، تولي المسيو (شارل جونار) الولاية العامة في الجزائر.
وهنا نلقي بعض الضوء على جانب من تلك العوامل التي ساهمت في ظهور وانتعاش النهضة الفكرية في الجزائر:
1- عودة الطلبة الذين درسوا في الخارج:
وأقصد بهم الطلبة الذين درسوا في جامع الزيتونة، وجامعة القرويين، والأزهر، وفي الحجاز والشام. ساهم هؤلاء المثقفون بعد عودتهم إلى الوطن بجهود عظيمة في النهوض بالحياة الفكرية والدينية، بما أثاروا من همم وأحيوا من حمية، وبنوا من مدارس في مختلف أنحاء الوطن، وبما أصدروا من صحف، معتمدين في ذلك على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه و سلم، فأصلحوا العقائد، وصححوا المفاهيم، ونقّوا الأفكار من رواسب البدع والخرافات التي علقت بها، وأحيوا الشعلة التي أخمدها الاستعمار في نفوس الأمة.. ويوم اسوداد المآزم وتلاحم الخطوب، أعادوا ذكرى أسلافهم في الصبر والصمود.. ومن هؤلاء الرواد الذين ساهموا في إثراء هذه النهضة الفكرية الإسلامية بالجزائر نذكر:
- الشيخ عبد القادر المجاوي [1848-1913م]: تخرج الشيخ المجاوي من جامعة القرويين بمدينة فاس، ويعتبر من العلماء القلائل الذين كانــوا على رأس الحركــة الإصلاحيــة في الجزائــر، (فلا تجد واحــدًا من هــؤلاء (المصلحين) في الربع الأول من هــذا القــرن إلا وهو من تلامذته).. خرّج أفواجًا كبيرة من المدرسين والأئمة والوعاظ والمترجمين والقضاة، كان من بينهم الشيخ (حمدان الونيسي) أستاذ الشيخ عبد الحميد بن باديس.. وقد ترك الشيخ المجاوي آثارًا علمية كثيرة في اللغة والفلك والعقيدة والتصوف، نذكر منها: كتاب (الدرر النحوية)، و(الفريدة السنيَّة في الأعمال الحبيبية)، و(اللمع في إنكار البدع)، و(نصيحة المريدين)، وغيرها مما يضيق المقام بسردها.
ومن بين رواد النهضة الإسلامية في تلك الفترة أيضًا العلامة :
- الشيخ عبد الحليم بن سماية [1866-1933]: يعتبر الشيخ ابن سماية في مقدمة الأفاضل الذين أمدوا هذه النهضة بآثار فضلهم، ومن أوائل المصلحين الجزائريين الداعين لفكرة الإمام محمد عبده الإصلاحية، ومن رفاق الشيخ المجاوي في التدريس، كما يعدّ من أوسع علماء عصره علمًا وثقافة. (فقد تخرّج على يديه جيل من المثقفين مزدوجي الثقافة، وخلّف مؤلفات كثيرة منها كتاب (فلسفة الإسلام).
ومما تجدر الإشارة إليه هنا، أن أغلب أعضاء البعثات العلمية التي ذكرنا سابقًا، قد ظهر تأثيرهم على الحياة الفكرية والحركة الإصلاحية بشكل ملحوظ، في العقدين الثالث والرابع من هذا القرن خاصة، مثل: الشيخ عبد الحميد بن باديس، والشيخ محمد البشير الإبراهيمي، والشيخ مبارك بن محمد الميلي، وغيرهم. 2- الحركة الإصلاحية في العالم الإسلامي :
كان للدعوة التي قادها الأستاذ جمال الدين الأفغاني أثر كبير في نشر الفكر الإصلاحي السلفي في الجزائر، فرغم الحصار الذي ضربه المستعمر لعزلها عن العالم الإسلامي، زار الشيخ محمد عبده -تلميذ الأستاذ جمال الدين- الجزائر عام 1903م، واجتمع بعدد من علمائها، منهم الشيخ محمد بن الخوجة، والشيخ عبد الحليم بن سماية، كما ألقى في الجزائر تفسير سورة العصر. وقد كان لمجلة العروة الوثقى ومجلة المنار، تأثير كبير على المثقفين من أهل الجزائر، الذين اعتبروا دروس العقيدة التي كانت تنشرها (المنار) للإمام محمد عبده، بمثابة حبل الوريد الذي يربطهم بأمتهم. وقد استمر الاتصال الفكري بين الجزائر وغيرها من البلاد الإسلامية ولم ينقطع، فقد شارك الشيخ عمر بن قدور بقلمه في جريدة (الحضارة) بالآستانة، و(اللواء) و(المؤيد) بمصر سنة 1914م، وقد كانت هذه الجرائد والمجلات تدعو إلى نهضة العرب والمسلمين، وكانت رائجة في بلاد المغرب والجزائر خاصة.
ويعترف الفرنسيون بأن هناك (مجرى سريًا، ولكنه غزير ومتواصل، من الصحف والمجلات الشرقية التي أعانت المغاربة في مجهوداتهم الإصلاحية، وجعلتهم مرتبطين أبدًا بالرأي العام العربي).
3- ظهور الصحافة العربية الوطنية في الجزائر:
ظهرت في الجزائر خلال تلك الفترة صحافة وطنية عربية، ساهمت مساهمة فعالة في بعث النهضة الفكرية والإصلاحية الحديثة. فقد عالجت في صفحاتها كثيرًا من الموضوعات الحساسة، منها: الدعوة إلى تعليم الأهالي، وفتح المدارس العربية لأبناء المسلمين، والتنديد بسياسة المستعمرين واليهود، ومقاومة الانحطاط الأخلاقي والبدع والخرافات. فهذا الأستاذ عـمـر راســم يجلجــل بآرائــه في غيــر مواربـة ولا خوف، فيقول: (أجل، يجب أن نتعلم لكي نشعر بأننا ضعفاء.. يجب أن نتعلم لكي نعرف كيف نرفع أصواتنا في وجه الظلم.. يجب أن نتعلم لكي ندافع عن الحق، وتأبى نفوسنا الضيم، ولكي نطلب العدل والمساواة بين الناس في الحقوق الطبيعية، وفي النهاية لكي نموت أعزاء شرفاء ولا نعيش أذلاء جبناء). كما ظهر في هذا الميدان كتّاب شاركوا بمقالاتهم وتحليلاتهم في تشخيص الداء الذي ألمّ بالأمة، واقتراح الدواء الناجع لذلك، من هؤلاء الشيخ المولود بن الموهوب، والشيخ عبد الحليم بن سماية، والأستاذ عمر بن قدور وغيرهم. 4- تولي (شارل جونار) الولاية العامة في الجزائر:
على الرغم من أن المسيو (جونار) فرنسي نصراني، إلا أن وصوله إلى منصب الحاكم العام في الجزائر، كان له أثر كبير على الحياة الفكرية في تلك الفترة. يُذكر أن هذا الأخير (شجّع إحياء فن العمارة الإسلامية، وبعْث التراث المكتوب، والتقرّب من طبقة المثقفين التقليديين، وتشجيعهم على القيام بمهمتهم القديمة، كإقامة الدروس في المساجد ونحوها)، كما اهتم بالتأليف ونشر الكتب العلمية وكتب التراث، مما كان له أثر هام على الحياة الثقافية في الجزائر. وقد أشرف (جونار) على فتح المدرسة الثعالبية سنة 1904م، بجوار مقام (سيدي عبد الرحمن الثعالبي) في حي القصبة بالعاصمة الجزائرية، وندب اثنين من الشيوخ للتدريس ونشر العلم بها، كما أمر بنشر كتابين هامين، أحدهما كتاب: (تعريف الخلف برجال السلف)، الذي صنّفه الشيخ أبو القاسم الحفناوي وطبعه سنة 1907م، والكتاب الثاني: (البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان)، لابن مريم الشريف التلمساني، الذي تولى إعداده للنشـر الأستاذ (محمد ابن أبي شنب)، المدرِّس بالمدرسة الثعالبية الدولية، وطبع سنة 1908م برعاية المسيو (جونار). هذه باختصار أهم العوامل التي ساعدت على قيام تلك الحركة الفكرية الإصلاحية بالجزائر، في الفترة التي ظهر فيها الشيـخ عبد الحميد ابن باديس.
وبهذا العرض المتواضع، تتضح لنا طبيعة الوسط الثقافي والفكري الذي تربى وترعرع فيه الشيخ ابن باديس، ويبقى أن نتعرف على شخصية الشيخ وأسرته ونشأته، ورحلاته، وشيوخه، ومكانته العلمية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hikam.ahlamontada.com
 
عبد الحميد بن باديس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات جزائر الأحبة :: واحة الادب :: ادباء و علماء-
انتقل الى: