العرب والدور الكبير للغرب أضيف في: 17/06/2007
العرب والدور الكبير للغرب
كان العالم الإسلامي مفتوح الحدود, تجتازه قوافل التجارة وأفواج الرحالة والحجاج المسلمون القاصدون بيت الله الحرام, والحجاج المسيحيون القاصدون بيت المقدس ويجتازه طلاب العلم جيئة وذهابا, فترى طرق البر والبحر مشغولة بنقل طلاب العلم من الأندلس وإفريقية إلى مصر والشام وإلى بغداد والبصرة وإلى أصفهان وهمذان وبخارى وسمرقند وتراها مشغولة بنقل طلاب هذه المدن إلى (بلرم) و (سالرنو) و (ومازرة) في صقلية وإلى القيروان وفاس ومراكش في إفريقية وإلى قرطبة وإشبيلية وبلنسية ومرسية وغرناطة في الأندلس.
ولما استولى النورمان على صقلية سنة 495 هـ \ 1102 م بزعامة روجيه الأول, وامتد الغزو الإسباني بعدئذ في الأندلس وتم الاستيلاء على طليطلة وإشبيلية وبلنسية وقرطبة, كانت شهرة هذه المدن بمدارسها وعلمائها قد ذاعت في أوروبا.
وقد لقيت هذه المدارس رعاية من ملوك إسبانيا وكان أكثرهم رعاية لها وعناية بها ملك قشتالة ألفونسو العاشر. فقد كان محبا للحلم, وكان شاعرا ومؤرخا فلقب بالملك الحكيم. وقد أنشأ في مرسية مدرسة للترجمة وتولى الترجمة فيها من العربية إلى اللاتينية مترجمون, من مسلمين ونصارى ويهود.
وفي صقلية أحاط روجيه الأول المسلمين برعايته واحتفظ بالنظام الإداري الذي أقامه المسلمون في دولتهم السابقة, وسار ابنه روجيه الثاني سيرته, وفي عهده استمرت الحركة العلمية في نشاطها, وكان أبرزها ما قام به الشريف الإدريسي من أبحاث في الفلك والجغرافية وتأليفه كتابا في الفلك الجغرافي أهداه إلى (روجيه) وعرف باسم (كتاب روجيه) أو (الروجيري).
وفي سنة 601 هـ \ 1205م آلت جزيرة صقلية إلى الملك الألماني فردريك الثاني فازداد برعايته نشاط الحركة العلمية وولع بالعلماء العرب في مصر والشام فكان يتصل بهم ويستطلع منهم عما يشكل عليه, من ذلك أنه أرسل إلى صديقه الملك الكامل بعدة مسائل في الهندسة والرياضة فبعث بها إلى علم الدين قيصر بن أبي القاسم الأسفوني المعروف بقيصر تعاسيف (ت: 650هـ) فكتب جوابها, وكان قيصر أشهر من أنجبت مصر والشام من الرياضيين. وقد أنشأ فردريك معاهد للعلم في (بلرم) عاصمة الجزيرة وفي (سالرنو) و (نابولي) وكان يفد إليها كثير من طلاب العلم والمعرفة يتلقونها عن علماء عرب, وفيها كانت تترجم إلى اللغة اللاتينية كثير من كتب العرب. ولم يحمل بلاط ألفونسو العاشر وفردريك الثاني من الطابع المسيحي إلا الاسم, إذ غلب عليهما طابع الحضارة الإسلامية.
وفي مستهل القرن الثالث عشر للميلاد (السابع الهجري) بدأ إنشاء الجامعات في أوروبا. ففي عام 1211م أنشئت جامعة باريس, وفي عام 1215م أنشئت جامعة أوكسفورد, وفي عام 1221م أنشئت جامعة مونبيلية بفرنسا وفي عام 1228م أنشئت جامعة (سلمنكا) بإسبانيا, وفي عام 1230م أنشئت بمساعي الملك فردريك الثاني جامعة في (بلرمو) و (بادوفا) وفي عام 1232م أنشئت جامحة كمبريدج, وتوالى بعد ذلك إنشاء الجامعات.
ومن هذه الجامعات التي ورثت علم العرب المطبوع بالثقافة الهيلينية انبثق عصر النهضة. وكما كان سقراط وأفلاطون وأرسطو وأرخميدس وايبوقراط وجالينوس وبطليموس وغيرهم من عباقرة اليونان رواد العرب في العلم والفلسفة كذلك فإن الكندي والرازي والبتاني وابن سينا والفارابي وابن الهيثم والبيروني وابن النفيس والزهراوي وابن زهر وابن رشد وابن الطفيل وابن باجة وابن البيطار وغيرهم