ظَبيةٌ غِرَّةٌ وقلبٌ غَريرُ |
في رِحابٍ يغفُوا بِهُنَّ السَجيرُ |
ومرُوجٍ للزَهرِ فيها أريجٌ |
والعصافيرُ قد ناغمتها الطيُورُ |
فيهزُّ الأوتارَ لحنٌ طرُوبٌ |
ويهزُّ الفُؤادَ لحنٌ قَريرُ |
نغمةُ (الفاءِ) إذ تُثنَّى (بطاءٍ) |
(وَبِميمٍ) يهيمُ فيها الزَمُورُ |
فتدقُّ الأجراصَ في قلبِ شَيخٍ |
هامَ شَوقَاً بها اليها يطيرُ |
فَطَمٌ فاطِمٌ وبِكْرِيْ أَبُوها |
حيدَرٌ منهُ للفُؤادِ غَديرُ |
ياغدِيرَ الأفراحِ أورَقتَ فينا |
أولياءً لِمَنْ أَحَبَّ الخَبيرُ |
ذاكَ فيضٌ إذْ كرَّمَ اللهُ وَجهَاً |
لا الى اللاّتِ أو مَناةِ يدورُ |
قَبَسٌ دَرَّ مِنْ سناهِ الشعُورُ |
فتَضوَّأنَ بالدُرِّ منهُ البُحورُ |
دُرَرٌ كامناتُ للوَجدِ تهفُوا |
فيصيبُ الحروفَ منها الدَريرُ |
كالثُريَّا..والحرفُ باتَ سِراجَاً |
فَسَنا الشِعرُ مُبرِقاتٍ تنيرُ |
في رِحابِ التَوحيدِ للشِعرِ بَرقٌ |
وخُشوعٌ ورهبةٌ والحُبورُ |
إنَّما النَبعُ ليسَ إلاّهُ نُورَاً |
وبِفَيضِ الآياتِ ضاءَ المَسيرُ |
فتسلَّحْ أنْ يُوهِمَ الوَهمُ غُروَاً |
كسُرابٍ يَظُنُّ فيهِ الغَريرُ |
وَوُجُوبَاً أنْ تعرِفَ اللهَ صدقَاً |
أوَّلُ الدينِ فِطرَةٌ لا قُصُورُ |
وكمالُ التصديقِ باللهِ حقَّاً |
بسراجِ التوحيدِ يهديهِ نُورُ |
وسراجُ الإخلاصِ للهِ دربٌ |
لكمالِ التوحيدِ حتماً يصيرُ |
وكمالُ الإخلاصِ أنْ لا مُعينَاً |
ما سِوى اللهِ يرتَجيهِ الضَميرُ |
لا تخُرُّ الجِباهُ إلاّ لِحَيٍّ |
ساجِداتٍ للهِ تمضيْ النُحورُ |
ما خلا منهُ في الوجودِ مكانٌ |
فيضُهُ رامَ إنْ أشارَ مُشيرُ |
ليسَ لِلحَدِّ مَوردٌ لا لِعَدٍّ |
إنَّما الحدُّ لِلمُحِدِّ بشيرُ |
عَدَّ مَنْ حَدَّ مَنْ أشارَ إليهِ |
مَنْ بِجَهلٍ قَدْ لَجَّ فيما يشيرُ |
إنَّما مِمَّ؟ أو علامَ؟ وحتّى |
أو متى؟ فيمَ؟ للأمورِ سفيرُ |
أنْ هيَ الفيضُ والمُفيضُ جليلٌ |
جلَّ شأنَاً وحقُّهُ التكبيرُ |
صمدٌ لمْ يَلِدْ وحاشاهُ إبنَاً |
قادرٌ قاهرٌ غنيٌّ قديرُ |
لمْ يَزَلْ لا يَزالُ..سُبحانَ ربِّيْ |
بارئٌ مُبدِئٌ اليهِ النُشورُ |
ليسَ كُفؤَاً لهُ وكُلٌّ إليهِ |
مُستجيرٌ بهِ إليهِ فقيرُ |
أحدٌ لا يقبلُ العَدَّ فعلاً |
لا بذِهنٍ يحدُّهُ التَصويرُ |
واحدٌ لا يُحَدُّ..أنّى يُثنَّى؟ |
لا شبيهٌ لهُ..فأنَّى نظيرُ؟ |
إنَّما غيرُهُ قليلٌ إذا ما |
قد تسمَّى بوحدَةٍ..إذْ كثيرُ |
ليسَ أيٌّ قبلَ.. لا بعدَ أيٌّ |
بلْ بفَيضٍ يسريْ لأيٍّ ظُهورُ |
سبَقَ اللاوجُودَ ربِّيْ وجُودَاً |
سبقَ الوقتَ كونُهُ لا عشيرُ |
وهوَ الحَيُّ لا يُخالطهُ موتٌ |
مُحييٌ مُحصيٌ مُميتٌ مُجيرُ |
أوَّلٌ آخرٌ مُعِزٌّ مُذِلٌ |
أحدٌ واحدٌ عزيزٌ كبيرُ |
واجدٌ ماجدٌ حسيبٌ رقيبٌ |
ظاهرٌ باطنٌ لطيفٌ بصيرُ |
قابضٌ باسطٌ مُعيدٌ شهيدٌ |
حَكَمٌ عادلٌ رؤوفٌ غفُورُ |
قهرَ الفَهمَ والمَدارِكَ حَدَّاً |
مُعسِراتٍ يحدُوا بِهُنَّ العَسيرُ |
هُوَ رَبِّيْ رآهُ قلبيْ بِلُبِّيْ |
بحقيقِ الإيمانِ ضاءَ المُنيرُ |
مَنْ يُجيبُ المُضطَرَّ إنْ ما دعاهُ؟ |
مَنْ سَيَعفُوا وقد تصدَّت غَرُورُ؟ |
مَنْ إذا ما الخُطوبُ أرهَقنَ عَبدَاً؟ |
ضاقَ صدراً وحاوطتهُ الشرُورُ |
مَنْ أجابَ المَكنُونَ في بطنِ حُوتٍ؟ |
بعدَ لَبثٍ في جَوفِ نونٍ يَحُورُ |
إنَّما أمرُهُ كَلَمْحٍ بِطَرفٍ |
ليسَ لفظَاً بلْ كُنْ يكونُ المَصيرُ |
حيثُ أوحَى لِلحُوتِ أقْذِفْ سَقيمَاً |
إذْ لِتَسبيحِهِ استَجابَ الشَكُورُ |
وكساهُ اليَقْطينَ ثَوباً وظِلاًّ |
وغذاءً..فطَبَّبَتْهُ الطَهُورُ |
عِزَّةُ النَفسِ تقتضيْ العبدَ حُرَّاً |
فارتَجيْ اللهَ يَرتَجيكَ السُرُورُ |
يمتطي الذلُّ بالمعاصيْ فهبُّوا |
صوبَ عِزٍّ بطاعَةٍ لا تَبُورُ |
لبسَ الذُلَّ مَنْ تَرجَّى ذليلاً |
صارَ عبدَاً للعَبدِ لا يستَنيرُ |
إنَّما الحُرُّ مَنْ كانَ للهِ عبدٌ |
لا لِخَلقٍ تجريْ عليهِ العُصورُ |
إنَّهُ سيّديْ الهيْ وربِّيْ |
إنَّنيْ عبدُهُ بذاكَ فَخُورُ |
وختاماً على الحبيبِ أُصلّيْ |
سيّد الخلقِ والبشير النذير |
وعلى الآلِ بالصلاةِ أُثنِّيْ |
صوبَ أهل الكساءِ حُبّي نميرُ |