الشاب الصالح
قيل كانت سنة من السنين.فقحط الناس بمكة.فخرج الناس يستسقون ثلاثة أيام فلم يمطروا.قال عبد الله ابن المبارك فقلت لنفسي أخرج من بين هؤلاء القوم.و أدعوا الله تعالى فعسى أن يرحمني و يستجيب دعائي.فاعتزلت عنهم و دخلت بعض الكهوف.فلم ألبث حتى دخل غلام أسود.و صلى ركعتين و وضع رأسه على الأرض و دعا الله.و كنت أسمعه يقول الهي ان هؤلاء عبادك قد استسقوك ثلاثة أيام فلم تسقهم.فبعزتك لا أرفع رأسي حتى تسقينا قال فلم يرفع رأسه حتى أمطرت السماء و قام و مضى.فتبعته حتى دخل في البلد فدخل دارا.فوقفت على الباب.فقعدت هناك حتى خرج واحد.فقلت لمن هدا الدار؟فقال لفلان فدخلت فقلت أريد أن أشتري مملوكا.فعرض علي المالك غلاما.فقلت أريد غيره أهل عندك غيره؟فقال ان معي غلاما لكنه لا يصلح لك.فقلت لم؟قال لأنه كسلان.فقلت أعرضه علي.فأبصرته،فقلت رضيته،فبكم تبيعه؟فقال أنا اشريته بعشرين دينارا لكنه لا يساوي عشرة دنانير و قد بعته منك بعشرة دنانير،فقلت اشتريته منك بعشرين دينارا،و دفعت الثمن اليه و تسلمت منه المملوك.فقال لي الغلام يا ابن المبارك لم اشتريتني فاني لا أخدمك؟فقلت ما اسمك؟قال الأحبة تعرف الأحبة.قال فجئت به الى بيتي فأراد التوضأ.فقمت فقدمت الاناء اليه و وضعت النعل بين يديه فقام و توضأ و صلى و سجد قال فدنوت لأسمع ما يقول.فسمعته يقول
يا صاحب السر ان السر قد ظهرا و لا أريد حياتي بعدما اشتهرا.
ثم سكت ساعة،فحركته فادا هو ميت،فأخدت في تجهيزه.فدفنته فرأيت النبي عليه الصلاة و السلام من ليلتي في المنام و شيخ نوراني محبوب عن يمينه و الغلام الأسود عن يساره فقال لي جزاك الله عنا خيرا و لا أراك ضيرا لما أحسنت الى حبيبنا،فقلت هل هو حبيبك يا رسول الله؟قال صلى الله عليه و سلم نعم هو حبيبي و حبيب لخليل الرحمن. (مقتبس من كتاب"درة الناصحين").