أمينة الحنان عضو ملكي
الهوايات : المهن : المزاج : عدد المساهمات : 704 نقاط : 1043
| موضوع: على قهوة في شامبليون الأربعاء يناير 20, 2010 12:40 pm | |
| أمشي في شارع شامبليون، ذاهب أنا للقاء أصحابي، وجدته واقفا أمامي بنظارته العجيبة ورأسه الحليق يلمع تحت عمود النور. أذهلني تواجده، كان عاديا كما أراه دوما، لكني لم أتوقع رؤيته أبدا. سلم علي ودعاني للجلوس على قهوة قريبة، جلسنا وأخذنا نتحدث، كنت مهتما به غاية الاهتمام، مستمعا جيدا، على الرغم من أني لم أكن كذلك من قبل، ضاحكا بصدق على نكاته وتعليقاته التي كنت أراها سمجة. تابعت ما يحكيه عن بحثه المستمر عن شقة مناسبة في وسط البلد، رحلاته المكوكية مع عدد من معارفنا وأصدقائنا، يظن أنه سيستقر في إحدى غرف الغسيل في طلعت حرب. لكنه ما زال مترددا، يفضل هو أن يعيش مع أصدقاء مشتركين في شقة كبيرة، شقة الحرية كما قال. أخيرا قال لي وهو يبتسم: يبدو أني سأظل أبحث عن الشقة عمري كله. وكأن شقة وسط البلد هي كل آماله، في لحظة مجنونة قلت له أني أفكر أيضا في الاستقلال والحياة وحيدا، وأننا يمكن أن نتشارك في شقة في وسط البلد. كنت أهذي، فهو وضع لم أفكر به من قبل ولا يصلح لي مطلقا. أفاقني صوت الموبايل، عبده يتصل، رددت عليه وأخبرته أني على قهوة في شامبليون، ووصفتها له، أخبرني أنه في الطريق. أخذ يحدثني عن السينما المستقلة في مصر، يريد هو أن يدرس سينما، المعهد العالي للسينما لا يناسبه، يفكر في أكاديمية أخرى خاصة، بمصاريف. كنت أعلم أنه يخاف المنافسة، لذا كان حل الأكاديمية الخاصة سهلا، بدون امتحانات قبول أو منافسات بغيضة. سيكون أول أفلامه عن هجرة أهل الريف إلى القاهرة، عذابهم فيها وحنينهم إلى قراهم، مواجهة المشاكل والعقبات التي لا تحل. لا أصاب بالامتعاض كعادتي عندما أجالسه، بل أرفع حاجباي تعجبا، أوميء برأسي متفهما، أبتسم بسعادة. أهذي أنا، لا أفهم كيف يجلس أمامي هو، يحكي ويتكلم. أنقذني عبده الذي اتصل مره أخرى ليخبرني أنه لا يجد القهوة، سألته عن مكانه واستأذنت من الجالس لأذهب اليه. وجدت عبده واقفا على بعد خمسين مترا،أين أنت؟ تحرك بسرعة القهوة على بعد خطوات. أمسكت بيده وأخذت أجري، عنفني هو، لم يفهم لماذا أسحبه خلفي بهذه السرعة. أردت أن أتركها مفاجأة، لن أخبر عبده أني كنت جالس معه منذ دقيقة واحدة على القهوة، وأنه لم يمت ولم يدهسه لوري ولم يدفن قط، بل هو جالس هناك. وصلت ولم أجد القهوة، الناصية فارغة، محل مغلق منذ مدة ولا شيء على الرصيف، لم أجد القهوة، لا كراسي، لا طاولات. ظللت أدور حول المكان، أدور حول نفسي، لم أجد القهوة. عرقي ينسال على وجهي ورقبتي، خذلتني قدماي وجلست على الرصيف، وأنا أفكر فيما سأقوله لعبده لأبرر جنوني المفاجيء. | |
|